◄مصر تدعم الأنشطة الإنسانية فى إفريقيا بالتوازى مع تحركاتها الدبلوماسية الرسمية
◄وزارة الهجرة تستخدم "القوة الناعمة" لتكثيف التواجد بين المصريين فى الخارج
◄الدول الإفريقية أصبحت تنظر إلى مصر كنموذج فى نجاح تجربة الإصلاح الاقتصادى
حينما أعلنت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة والمصريين بالخارج، إطلاق مبادرة "صوت مصر فى إفريقيا" فإنها وبكل تأكيد استطاعت أن تخلق جسراً يستهدف فى المقام الأول تحقيق استدامة التواصل مع الجاليات المصرية فى إفريقيا وتحقيق الاستفادة المثلى من القوة الناعمة المصرية هناك خاصة فى مختلف الملفات والقضايا المطروحة على الساحة الآن وذلك بالتوازى مع الجهود الدبلوماسية القائمة التى تبذلها الدولة المصرية عبر القنوات الرسمية.
ونظراً لأهمية تفعيل هذه المبادرة التى جاءت فى التوقيت المناسب فقد عقدت السفيرة نبيلة مكرم أول لقاء افتراضى عبر تطبيق "زووم" مع مجموعة من المصريين المقيمين فى عدة دول إفريقية، من بينها ليسوتو ونيجيريا وناميبيا وكينيا وجنوب إفريقيا وتنزانيا والسنغال وكوت ديفوار، وفى كلمتها، أعلنت أن هذا اللقاء هو نواة التواصل الأولى مع الجاليات المصرية فى القارة السمراء للاستماع إلى أفكارهم ومقترحاتهم ومشكلاتهم، والعمل على تلبية احتياجاتهم فى كافة المستويات، فى ظل تحرك مصر الكبير فى إفريقيا ومؤخرا زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى جيبوتى والتى نالت صدى إيجابيًا واسعًا.
ولم تكتف الوزيرة بالحديث مع المشاركين فى هذا اللقاء بل إنها حرصت أيضاً على الاستماع إلى المشاركين فى هذا اللقاء المهم من المصريين المقيمين فى إفريقيا، حيث قاموا بطرح بعض الأفكار والرؤى المتعلقة بضرورة تنشيط حركة السياحة والطيران مع الدول الإفريقية، وتعزيز التبادل التجارى والاستثمارات معها إلى جانب زيادة عمليات الاستيراد والتصدير بينها وبين مصر لكافة البضائع خاصة الأدوية والأغذية والمحاصيل الزراعية والأثاث، وزيادة التبادل الطلابى والتعاون فى مجال التعليم، وكذلك إرسال المزيد من الأطباء والدعم الطبى بمختلف أنواعه للدول الإفريقية، وتعزيز التعاون فى مجال الكهرباء والنقل البرى والبحرى.
ليس هذا فحسب بل إن وزارة الشباب والرياضة أعدت برامج ومبادرات قابلة للتنفيذ خلال مدد زمنية محددة لتعزيز التوجه المصرى نحو القارة وسبل تنمية التعاون الرياضى مع الدول الإفريقية فالرياضة تخلق العلاقات الطيبة بين الشعوب وليس فقط الرياضة التنافسية، الأمر الذى تحرص عليه الوزارة من خلال برامجها، كما تتبنى الوزارة عددا من المبادرات الشبابية والتى تهدف لتبنى مشروعات ثقافية وفنية، مثل مبادرة "بلدنا" التى نجحت على مستوى مصر وسيتم نقلها إلى إفريقيا لنشر فكرة التطوع لنشر الثقافة، بالإضافة إلى عقد مهرجانات وتراثات فنية منها مهرجان الفنون التعبيرية للشباب الإفريقى، وسفينة النيل للشباب الإفريقى، وسفينة الشباب العربى من القاهرة لأسوان لتعريف الشباب بالتحديات التى تواجه القاهرة وأيضا "أوسكار إفريقيا، ومهرجان لطلبة وطالبات الجامعات الإفريقية، ومسابقة إفريقيا للطلائع".
والحق يقال فإن هذه المبادرات لم تكن وليدة الصدفة أو أنها مجرد خطوة عادية ولكنها تأتى استمراراً للعديد من الخطوات المهمة كانت مصر قد اتخذتها خلال السنوات الماضية وهى خطوات ثابتة نحو عمقها الإفريقى، وذلك فى إطار رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى لاستعادة مصر مكانتها ودورها المحورى فى قارتها الإفريقية، تنطلق من الرغبة المصرية فى الإسهام الفاعل مع بقية دول القارة لمواجهة التحديات المشتركة، والسير قدما نحو تنمية حقيقية تجوب دول القارة كافة، وبجهود دؤوبة ومتواصلة عاد منحنى العلاقات المصرية- الإفريقية للصعود مجددا، بعدما نجحت مصر فى العودة إلى محيطها الإفريقى، واستعادة مكانتها بين دول القارة، فى ضوء الإدراك الواسع لأهمية الامتداد الإفريقى لمصر وارتباطه بدوائر الأمن القومى المتعددة.
وقد حرصت الدولة المصرية على إعادة إحياء التعاون مع القارة السمراء، فمنذ تولى الرئيس السيسى المسئولية عام 2014، عظمت مصر من جهودها تجاه القارة الإفريقية، من خلال تنشيط التعاون بين مصر والدول الإفريقية فى كافة المجالات، فضلا عن استضافة عدد من المؤتمرات والمنتديات المعنية بالاستثمار والاقتصاد والأمن فى القارة، كما كثف الرئيس من تحركاته وزياراته لدول القارة، وتصدرت الزيارات الخارجية للرئيس واستضافته الرؤساء الأفارقة قائمة الأولويات ما يعكس مدى الاهتمام المصرى بالقضايا الإفريقية، بالإضافة إلى ذلك عقد الرئيس عددا كبيرا من الاجتماعات مع قادة وزعماء ومسؤولين أفارقة زاروا مصر خلال السنوات الأخيرة، وأثمر كل ذلك عن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى خلال عام 2019، جاء تتويجا لجهود دؤوبة وحثيثة للدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وحرص القاهرة على استعادة دورها فى القارة السمراء.
وخلال رئاسة الاتحاد الإفريقى، حقق الرئيس السيسى إنجازات هائلة، بداية من الإنجازات الاقتصادية الكبيرة ويمثل إطلاق المرحلة التشغيلية لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية الإنجاز الأهم، حيث تستهدف المنطقة 2 مليار نسمة ، و 3 ترليونات دولار، ومرورا على الإنجازات الأمنية والسياسية ، وفيها حصلت مبادرة " إسكات البنادق " على الاهتمام السياسى والإعلامى الدولى الأكبر والأوسع ، حيث حصلت على تأييد مجلس الأمن بالإجماع ومساندة كل الدول الإفريقية من ناحية ، كما أعلن الرئيس السيسى أن الاتحاد الإفريقى خلال 2020 سيعطى المبادرة الرعاية الأولى، وأخيرا وليس آخرا ..تأتى الإنجازات الرياضية والاجتماعية والشبابية والصحية وتمثيل مصر الاتحاد الإفريقى على المستويات الإقليمية والدولية وكافة الفعاليات والمحافل والمنتديات بشكل احترافى شهد له الجميع.
والمتابع للملف الإفريقى يتأكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن الدولة المصرية حرصت بالفعل على تأكيد جملة من الثوابت التاريخية والإستراتيجية، والالتزامات السياسية والعملية تجاه محيطها الإفريقى، فى مقدمتها إعلاء مبادئ التعاون الإقليمى، والمساهمات المصرية فى برامج الاتحاد الإفريقى، وعملت على تنمية دول القارة عموما، ودول حوض النيل خصوصا، فضلا عن تنوع سياسات وآليات التحرك المصرى تجاه بلدان القارة، بين تحركات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومائية، فضلا عن الدعم المصرى الواسع لجهود التنمية البشرية، من خلال إيفاد آلاف الخبراء والمختصين فى عشرات المجالات، واستقبال الآلاف من الأفارقة للتدريب فى المعاهد والأكاديميات المصرية، وتنوع مجالات واهتمامات «الصندوق الفنى للتعاون مع إفريقيا».
ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن ينكر أحد أن الرئيس السيسى استطاع منذ توليه الحكم استعادة مكانة مصر ودورها فى التعاون الدولى، وكذلك أعاد أوجه التعاون بين مصر والدول الإفريقية بل وتطويرها، وحينما ننظر إلى زيارة الرئيس السيسى لجيبوتى التى جرت مؤخراً نجد أنها الزيارة الأولى لرئيس مصرى إلى هذه الدولة الإفريقية المهمة، وهو ما يعكس حقيقة مؤكدة هى أن هناك تطورا غير مسبوق بالفعل على مستوى العلاقات المصرية- الإفريقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة لذا فإن زيارة الرئيس السيسى لجيبوتى تحمل العديد من المعانى؛ أولها أنه أصبح هناك رؤية شاملة عن كافة الدول الإفريقية، وأصبحت تنظر إلى مصر كنموذج فى نجاح تجربتها فى الإصلاح الاقتصادى، والزيارة تفتح المجال للمصريين بالتوسع، وهذا الأمر يسمح بالزيادة فى معدلات التبادل التجارى وأفق للاستثمار المصرى، ويتبع تلك الزيارات انفتاح تجارى فهل يمكن أن يغفل أحد حقيقة مؤكدة هى أن إفريقيا لديها عمق تاريخى وذات قوة ومصر جزء أساسى منها، الأمر الذى يوضح أهمية هذه المبادرة التى أطلقتها وزارة الهجرة والمصريين بالخارج.