◄وداعًا لمشاعر الكراهية.. وبداية حقيقية لـ"لعلاقات الإنسانية الراقية"
◄الحب والخير والجمال.. "صمام أمان" للمجتمع بكافة طوائفه وفئاته
◄لماذا انتشر "ميكروب الحقد" بين الناس؟.. ومن المسئول عن تفشى "وباء سواد القلوب"؟
هناك مناسبات عديدة تمر أمامنا دون أن نشعر بها أو حتى نتوقف أمامها مجرد التوقف ولو للحظات قليلة، وهناك مناسبات أخرى لا يمكن بأى حال من الأحوال تجاهلها أو الاكتفاء بالمرور أمامها مرور الكرام.. ومن بين هذه المناسبات السارة والمحببة إلى قلوبنا احتفالاتنا بليلة "رأس السنة" الميلادية، ففى هذه الليلة نودع عاماً لنبدأ آخر، الأمر الذى يجعل عيد "رأس السنة" يمثل بالنسبة لى حالة خاصة جداً من حيث "المصارحة" و"المكاشفة"، فحينما تمر أمامى السنة المنتهية وفى لمح البصر أرى الكثير والكثير من الأحداث التى عشتها طوال العام وهى أحداث متنوعة لم تكن بالطبع مفروشة بالورود فهى متقلبة حسب طبيعة الحياة التى لا تظل على حال واحد وعلى الرغم من ذلك فإننا نعيشها ونظل نحلم ونحلم بغدٍ أفضل على كافة المستويات. أنا بطبيعة الحال متفائل دائماً وأرى كما قال الشاعر الكبير محمد إقبال "أجمل الأيام لم تأت بعد".. نعم علينا ونحن نحتفل برأس السنة الميلادية أن نكون على يقين من أن أجمل الأيام لم تأت تعد لنظل نسعى بكل ما أوتينا من قوة نحو الوصول إلى الأفضل والأجمل والأحسن على الإطلاق.
وهذا بالطبع لا يمنع من الاعتراف ولو بيننا وبين أنفسنا بأن الدنيا قد تغيرت بالفعل وأن النفوس تبدلت وأيضاً لم تعد العلاقات الإنسانية نقية وصافية كما كانت من قبل.
والحق يقال فإننى لا أدرى ما الذى غير طبائع الناس إلى هذا الحد، وما الذى جعل صفات سيئة مثل الغل والحقد والكراهية تسيطر على التعاملات اليومية البسيطة بين الناس وبشكل لافت للنظر؟! فهل ذلك التحول الخطير فى المشاعر جاء نتيجة منطقية لانتشار "ميكروب الحقد" وتفشى "وباء الأنانية" أم أن النفس البشرية تسير بطبيعتها وتتغير وتتحول وتصبح على هذا النحو من السوء بشكل تلقائى؟!
إنها مجرد أسئلة تتداعى فى ذهنى وأنا أعيش أجواء عيد "رأس السنة" ولكن لم ولن أرضخ للأمر الواقع ولن أتعايش أو أتأقلم مع هذا الوضع المقلوب فى المشاعر التى أصبحت تتحكم فى تصرفات الناس ، فأنا على يقين من أن الخير هو أصل الأشياء ونحن من يغيره إلى أى شيء آخر، الأمر الذى يدفعنى لأن يبادر كل منا بالبحث بداخله عن الأشياء الجميلة وأن يروى زهور "المحبة" لتنبت وتورق وتملأ الدنيا حولنا خيراً وبركة.
فلا يمكن أن تستقيم الحياة بدون الحب ولا يمكن أيضاً أن يكون للعلاقات الإنسانية أى طعم دون أن نعلى من شأن الأخلاق الحميدة التى تمنح الحياة طعما ولونا ورائحة تفوح بعبق المشاعر النبيلة، خاصة أن العديد من نظريات علم النفس تؤكد على مدى أهمية الحب والمشاعر النبيلة فى حياة الإنسان كونه يمثل احتياجا إنسانيا لا غنى عنه، فهو السبيل للوصول لحالة من التوازن النفسى، إلى جانب أن الحب يمكن أن يكون أيضاً بمثابة الدرع الواقى من متاعب الإنسان النفسية المتمثلة فى دائرة القلق والضياع والاكتئاب، فهو المصدر الأساسى للأمن النفسى، وبالتالى فهو أيضاً المصدر الأساسى للسعادة، والسبيل إلى غاية الإنسان للتوازن النفسى.
قد يبدو كلاماً رومانسياً وبعيدا عن الواقع ولكن سأظل دائما وفياً لقناعاتى الشخصية ومؤمناً بأنه لا حياة بدون حب حقيقى ومشاعر نبيلة وعلاقات إنسانية قائمة على الصدق والشفافية بعيداً عن الزيف والافتعال فى التصرفات التى أصبح يحترفها البعض ربما من أجل تحقيق أهداف واهية وضعيفة وركيكة.
وفى نفس السياق فإننى أود أن ألفت الانتباه أيضاً إلى مسألة فى منتهى الأهمية تتعلق بحكمة شهيرة تقول (إننا نجذب ما نفكر به ونستشعره بإيجابية كأنه يحدث ونتخيله ونضعه فى الفعل) بمعنى أدق أننا إذا أردنا أن نجذب الحب وتوأم الروح وجب علينا التركيز على مشاعرنا وتوجيه بوصلة "حالتنا النفسية" كأننا بالفعل نستقبل هذا الحب وذلك من خلال القيام بالعديد من الأفعال والنيات والمشاعر التى تصب فى نفس الهدف، ليس هذا فحسب بل يجب علينا أيضاً أن نطلق العنان للرغبات والآمال التى تملأ قلوبنا وعقولنا وذلك لتحديد هوية كل ما نسعى من أجل الحصول عليه فى تجربة الحب.. وعلينا أيضاً استشعار الأحاسيس التى نريد أن نتلقاها والتعبير عنها خلال هذه التجربة التى تتملكنا وتملأ أفئدتنا ونعيش جوا مليئا بالحب ونشعر بصدق بكل المشاعر والأحاسيس التى نحتاجها ونتمناها، مثل مشاعر الثقة والأمان والسعادة وبهذه الطريقة نطلق العنان لرغباتنا فى تحديد المشاعر التى نريد أن نحصل عليها.
ليتنا لا نبخل على أنفسنا بهذه السعادة ولا نكون نحن العقبة فى الحصول على هذا الحب وذلك بالتركيز على الرغبة فى حقنا فى أن نعيش الحب وأن نحيا حياة سوية بعيدة عن الحقد والغل والكراهية، ونعلن للعالم كله أننا نستحق هذا الإحساس الرائع وبالتالى نستطيع أن ندرك أهمية الحب فى حياتنا وفى نفس الوقت يدرك هذا الحب أيضاً احتياجنا له، فتكون النتيجة غاية فى الروعة والجمال.
ومع بداية عام جديد أتطلع لأن يكون العام مليئا بالخير للجميع وأن ينعم وطننا الغالى "مصر" بالأمن والأمان والاستقرار.