محمود الشويخ يكتب:«حكيم المنطقة»..كيف يقود السيسى الشرق الأوسط إلى السلام؟
- لماذا شارك الرئيس فى "القمة الرباعية" بالأردن؟.. وما أسرار "اجتماع النقب السداسى"؟
- ماذا دار فى شرم الشيخ مع بينيت وبن زايد؟.. وكيف يحمى القائد حقوق الشعب الفلسطينى بكل قوة؟
- أسرار التحذير الجديد لإثيوبيا حول "سد النهضة".. وكواليس تعزيز التحالف مع المملكة العربية السعودية.
على نار هادئة تجرى إعادة ترتيب الأوراق فى المنطقة الآن.. تحالفات جديدة تلوح فى الأفق.. ومرحلة مختلفة فى عمر الشرق الأوسط تبدأ الآن.. والعنوان دائما "القاهرة".
ولمَ لا؟.. وقد استعادت الدولة المصرية حيويتها من جديد وغادرت "عهود الانكفاء" إلى رحابة محيطها العربى والإفريقى والإسلامى.
لم نعد الآن مجرد رد فعل.. بل فاعل أساسى فيما يجرى.. بعد أن أثبتنا قوتنا على جميع الأصعدة فعاد الاحترام لقيمة ومكانة مصر من جديد.
فبعد سنوات ما سمى "الربيع العربى" ثبت للجميع أن الرؤية المصرية هى الحل لأزمات المنطقة.. فلا مناص من هذه الفوضى إلا بتقوية الدولة الوطنية وعمادها الجيش الوطنى.
صارت الحلول الدبلوماسية والسياسية - التى لطالما نادت بها مصر - مقدمة على الحلول العسكرية التى عرفتها دول المنطقة طوال السنوات الماضية.. لا سيما فى سوريا وليبيا.
وبدا يظهر ما يمكن أن نسميه "محور الاعتدال" ليضم دول المنطقة الساعية لإطفاء الحرائق وإرساء السلام والاستقرار فى مواجهة جماعات العنف والإرهاب والتطرف وكارثة الميليشيات.
أتحدث هنا عن مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين والأردن على وجه التحديد.. ومعها العراق "المشتاق" إلى حضنه العربى بعد سنوات الخراب التى أعقبت الغزو الأمريكى اللعين.
وهذا ليس تحالفا موجها ضد أحد كما يقولون.. بل هو تحالف للاستقرار والسلام.. فمن يرفض الاستقرار ويكره السلام؟
فإذا كان هناك من يفعل ذلك؛ فليعتبر نفسه إذن مناوئا لهذا التحالف!
وقد زادت أهمية هذا المحور مع ما تشهده الساحة العالمية الآن سواء الحرب الروسية- الأوكرانية، التى انطلقت قبل أكثر من شهر وقلبت العالم رأسا على عقب وأدخلته فى مرحلة رعب من اندلاع حرب عالمية ثالثة تهدد مستقبل البشرية - أو قرب توقيع الاتفاق النووى بين الولايات المتحدة وإيران والمخاوف المترتبة على ذلك بالنسبة لأمن المنطقة.. وهذا حديث يطول.
هذان الحدثان استدعيا على وجه السرعة خروج هذا التحالف إلى النور.. وعلى هذه الأرضية شهدت المنطقة فى الأيام الأخيرة تحركات سريعة تحمل معها بشائر لمستقبل مختلف.
وكان العنصر المشترك فى هذه الأحداث هو الحضور المصرى اللافت.
فى العقبة بالأردن؛ كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يلتقى الملك عبد الله الثانى بن الحسين ملك الأردن، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى، ومصطفى الكاظمى رئيس وزراء العراق؛ والعنوان العريض مناقشة سبل تعزيز علاقات التعاون المشترك بين الدول الأربع فى جميع المجالات، خاصة التجارية والاقتصادية، فضلاً عن تبادل وجهات النظر والرؤى حول مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية على المستوى الإقليمى والدولى خاصة ما يتعلق بمواجهة تداعيات وآثار الظروف العالمية الحالية على قطاعات الأمن الغذائى والطاقة، والتجارة، وذلك على النحو الذى يحافظ على الاستقرار الإقليمى وأمن المنطقة.
سبق هذا اللقاء الرباعى قمة جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسى، بمدينة شرم الشيخ، بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس وزراء إسرائيل نفتالى بينيت، للتباحث بشأن تداعيات التطورات العالمية خاصة ما يتعلق بالطاقة، واستقرار الأسواق، والأمن الغذائى، فضلاً عن تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه آخر مستجدات عدد من القضايا الدولية والإقليمية.
وقبل ذلك زيارة مهمة أجراها الرئيس إلى المملكة العربية السعودية، حيث التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولى عهد المملكة العربية السعودية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وقد تطرقت المباحثات إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستدامة الشراكة بين البلدين، لاسيما على المستوى الاقتصادى والاستثمارى، بما يحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة للجانبين، وذلك فى ضوء التطورات التنموية الملموسة التى تشهدها مصر من خلال المشروعات القومية العملاقة، والبنية التحتية المتطورة، فضلاً عن المناخ الاستثمارى الجاذب لرؤوس الأموال.
كما تناولت المباحثات تطورات عدد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث تم تأكيد أهمية تعزيز العمل العربى المشترك لمواجهة التحديات المختلفة التى تشهدها المنطقة، وتكثيف التشاور وتنسيق المواقف بين البلدين بشكل مستمر، لاسيما فى ضوء تعدد وخطورة الأزمات التى تشهدها بعض الدول الشقيقة فى المنطقة، وقد أكد الرئيس فى هذا السياق أن الأمن القومى لدول الخليج هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى.
هذا إلى جانب التأكيد على أهمية ضمان أمن البحر الأحمر باعتباره ركيزة أساسية فى حركة التجارة الإقليمية والدولية، بما يتطلب تضافر جهود الدول المشاطئة لضمان حرية وأمن الملاحة به.
وفى الرياض أيضا التقى الرئيس الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين، حيث عقدت مباحثات منفردة بين الزعيمين، تلتها جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدى البلدين.
وقد أعاد الرئيس التشديد على أهمية مواصلة العمل على توحيد الصف العربى وتضامنه لمواجهة التحديات التى تواجه المنطقة العربية، ومؤكداً عدم سماح مصر بالمساس بأمن واستقرار أشقائها فى دول الخليج، وأن أمن الخليج يُعد جزءاً لا يتجزأ من أمن مصر، فيما توافقت رؤى الجانبين بشأن ضرورة تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وأهمية تضافر جهود المجتمع الدولى من أجل التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التى تشهدها بعض دول المنطقة، بما يحافظ على وحدة أراضى تلك الدول ويصون مقدرات شعوبها.
وكان الحدث الأبرز هذا الأسبوع أيضا مشاركة وزير الخارجية سامح شكرى، فى فعاليات الاجتماع السداسى، الذى عقد فى النقب بإسرائيل.
هذا الاجتماع السداسى عقد بحضور شكرى، وعبد اللطيف الزيانى وزير خارجية البحرين، وناصر بوريطة وزير خارجية المغرب، وعبد الله بن زايد وزير خارجية الإمارات، وأنتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى، ويائير لابيد وزير الخارجية الإسرائيلى.
وخلاله أكد شكرى ضرورة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك ضرورة أن "حل الدولتين" لإنهاء الصراع الحالى، وأن تعيش الدولة الفلسطينية والإسرائيلية جنبًا إلى جنب فى سلام.
وشدد أيضا على موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية وأهمية تحقيق حل الدولتين، قائلا: "يجب أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبًا إلى جنب، وأن تقوم دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية"، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يعمل على تعزيز سبل التعاون والسلام والأمن فى المنطقة ومقاومة أى وسائل سلبية تؤثر عليها.
وبمناسبة التعاون والسلام فى المنطقة فإننى قد توقفت أمام الرسالة المهمة التى وجهها الرئيس السيسى - خلال استقباله بقصر الاتحادية الرئيس بول كاجامى، رئيس جمهورية رواندا - إلى إثيوبيا حول ملف سد النهضة؛ فقد شدد على ضرورة التوصل لاتفاق قانونى ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة فى إطار زمنى مناسب، بما يعزز من الأمن والاستقرار الإقليمى، وذلك استناداً إلى قواعد القانون الدولى ومقررات مجلس الأمن، محذرا من خطورة الإجراءات الأحادية.
وإذا وضعنا كل هذه الأحداث بجوار بعضها البعض فسندرك أن شيئا كبيرا يحدث الآن ونطمئن أن مصر حاضرة وبقوة.