محمود الشويخ يكتب: « سنوات الإنقاذ 1» كيف عادت مصر من "أنياب الإرهاب"؟
- قائد لا يعرف الخوف.. لماذا قرر السيسى القضاء على "الإخوان" فى "30 يونيو" مهما كانت التضحيات؟
- وطن أكبر من جماعة.. أسرار لم تنشر من قبل عن الأيام الأخيرة لـ"مرسى والشاطر".
- ملحمة كبرى.. هل تصبح مصر "النمر الاقتصادى الجديد" بعد "معجزة الإصلاح"؟
فى مثل هذه الأيام قبل ٩ سنوات كنت أجلس فى مكتبى ولا أغادره إلا نادرا.. كان الخوف مما هو قادم يسيطر علىّ بشكل كامل ويمنع عنى الحياة تقريبا!
كان الإخوان يمسكون بالسلطة بكل ما يملكون من قوة.. وكنت أرى حربا أهلية فى الطريق.. فهؤلاء الإرهابيون لن يتورعوا عن فعل أى شيء حتى يبقوا داخل القصر.
يعلم الإخوان جيدا أنهم إما فى القصر أو فى السجن.. لا خيار ثالث.. هكذا هم.. لا يقبلون - طوال تاريخهم - أن يكونوا شركاء فى الوطن.. إما أن يكون لهم.. ولهم وحدهم.. أو لا شيء.
قرأت تاريخ الجماعة جيدا.. وأعرف كيف تفكر.. وإلى أين يمكن أن يصل إرهابهم.. ولهذا كنت أخاف.
يقولون إن "المعرفة متعبة لصاحبها".. وأنا أقول: نعم.
لقد كانت معرفتى بهم تقلقنى مما هو قادم.. ولم يكن النفق - فى أيام يونيو الأولى من عام ٢٠١٢ - يحمل أى نور فى نهايته!
لكننى كنت أثق فى شعبنا.. ولم تتزعزع ثقتى فى قواتنا المسلحة فى أى لحظة.
غير أننى لما أكن أملك تصورا لما هو قادم.. حتى لنفسى.. فقد كنت - كما تعلمون - فى قلب المواجهة مع هذه الجماعة الإرهابية.. لم أهادن أو أخاف.. وأعلنتها من اليوم الأول "لن أعترف بهذا الذى اسمه مرسى رئيسا".
لكن.. يد الله كانت مع مصر.. كما هى دائما.. فكان الخلاص على يد واحد من رجاله الأوفياء والمخلصين.. الفريق أول - آنذاك - عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى.
هذا القائد الذى اختار أن يقف مع شعبه وحمل روحه على كفه.. دون أن يخشى أى شيء.
والحمد لله.. انتهى هذا الفصل الأسود من تاريخنا.. وبدأت بعدها ما يمكن أن نطلق عليه "سنوات الإنقاذ".. تحت قيادة الرئيس السيسى.
هذه السنوات هى محور حديثى معكم على مدار هذا الشهر.. يونيو العظيم.. عبر ٤ حلقات متتالية.. نجيب فيها عن السؤال الكبير: أين كنا؟.. وإلى أين وصلنا؟
وقد اخترت أن أبدأ معكم من الملف الأهم.. الاقتصاد.. عصب الحياة وروحها.. وهو الملف الذى شهد طفرة تنموية كبيرة خلال الـ 8 سنوات الماضية، منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى يونيو 2014، وبدا ذلك واضحا فى التقييمات الإيجابية الصادرة عن مؤسسات التصنيف الدولية التى أشادت بالأداء القوى للاقتصاد رغم الصعوبات التى واجهها خاصة فى ظل تداعيات كورونا والحرب الروسية فى أوكرانيا.
ووفق بيانات حكومية، دعم برنامج الإصلاح الاقتصادى خطط الحكومة فى التنمية وتوفير فرص عمل وشراكة قوية للقطاع الخاص فى المشروعات والصمود خلال جائحة "كورونا" ما يدعم خطط التنمية المستدامة .
وعزز نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى أهداف الحكومة لتنفيذ خطط التنمية ما دعمها فى الصمود خلال أزمة جائحة "كورونا" ومواجهة تداعياتها السلبية، وكانت مصر من الدول القليلة على مستوى العالم التى حافظت على استمرار نمو الاقتصاد بصورة إيجابية خلال الجائحة فى الوقت الذى كانت تشهد فيه اقتصاديات العالم نموا سلبيا أو انكماشا وحققت مصر خلال هذه الفترة نموا بمعدل 3.6%.
فى الوقت نفسه وضعت الحكومة رؤية جديدة لبدء مرحلة نمو جديدة فى الاقتصاد المصرى لإعادة دور القطاع الخاص ليكون المحرك الأساسى فى كل المشروعات التنموية، فخلال العام المالى الحالى (2021-2022) بلغ معدل النمو خلال 9 شهور، 7.8%؛ ما يؤكد أن الاقتصاد المصرى ديناميكى ومرن ويساعد على النمو.
ورفع صندوق النقد الدولى فى أحدث تقاريره تقديراته لنمو الاقتصاد المصرى إلى 5.6% خلال العام المالى الجارى 2022/2021، متجاوزا تقديرات البنك الدولى الأخيرة بنسبة 0.1%، لتصبح مصر من الدول القليلة التى تحقق نموا إيجابيا.
وأرجع صندوق النقد الدولى تقديراته بالنسبة لمصر إلى إطلاق الحكومة المصرية مشروعات قومية ضخمة مثل مبادرة حياة كريمة، وزيادة إيرادات السياحة.
وقال صندوق النقد الدولى، فى أحدث تقرير، إن الحكومة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات الاستباقية لتلافى التداعيات السلبية لجائحة كوفيد-19 التى هزت اقتصادات العديد من الأسواق الناشئة.
وأضاف الصندوق أن الاقتصاد المصرى أبدى صلابته خلال فترة جائحة "كوفيد-19" من خلال استجابة السلطات السريعة والمتوازنة على مستوى السياسات.
وأفاد صندوق النقد بأن سياسة المالية العامة للحكومة المصرية لا تزال تتبنى أهدافًا ملائمة فى السنة المالية 2021/ 2022 ، تتمثل فى الضبط المالى التدريجى لتحقيق التوازن بين الدعم المطلوب للتعافى الاقتصادى وحماية استدامة المالية العامة.
وتعزز التوقعات الإيجابية الخاصة بنمو الاقتصاد المصرى تحسن التصنيف الائتمانى لمصر خلال الفترة المقبلة، واستمرار مساعدات المؤسسات الدولية، بالإضافة إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشجيع الصناديق السيادية والشركات والمستثمرين الأجنبيين على ضخ استثمارات فى مصر.
وجذبت مصر استثمارات أجنبية بلغت 5.9 مليار دولار خلال عام 2020، لتحتل المركز الثانى كأكثر الدول العربية المستقبلة للاستثمار.
ثم إن الاقتصاد المصرى ما زال قادرا على امتصاص الصدمات والتحديات العالمية، التى تزايدت حدتها مع اندلاع الحرب فى أوروبا.
وأقول بكل صدق إن الحكومة تتبنى سياسة واضحة من خلال تنفيذ عدد من المشروعات القومية التى تركز فى الأساس على تطوير شامل فى كافة القطاعات تمكن المستثمرين والقطاع الخاص من المشاركة وتجذب استثمارات أجنبية مباشرة.
كما تنفذ مصر رؤية واضحة لمضاعفة الصادرات المصرية؛ خلال السنوات القادمة لتصل إلى الهدف 100 مليار دولار وهو هدف محورى للحكومة ما يدعم موارد النقد الأجنبى بزيادة الصادرات.
ووفق بيانات حديثة لوزارة التجارة والصناعة، بلغ إجمالى الصادرات السلعية المصرية فى عام 2015 حوالى 18.6 مليار دولار ارتفعت مع نهاية عام 2021 لتصل إلى 32.3 مليار دولار بنسبة زيادة بلغت 73.6%، وقد ساهمت هذه المؤشرات الإيجابية فى إصلاح الخلل فى الميزان التجارى لمصر مع دول العالم، والذى بلغ فى نهاية عام 2021 حوالى 46.392 مليار دولار مقارنة بـ53.4 مليار دولار فى عام 2014.
هذا إلى جانب مضاعفة مصر جهودها لتوفير مخزون إستراتيجى آمن من السلع الأساسية وتتبنى سياسات فعالة لضبط ومراقبة الأسواق والسيطرة على الأسعار، إذ يشكل ملف الأمن الغذائى أولوية قصوى للدولة المصرية، حيث تعمل الدولة على مسارات متوازية لتحقيق هذا الهدف، تتمثل فى النهوض بالسياسات الزراعية وإطلاق المشروعات القومية العملاقة لتوفير السلع الغذائية وزيادة الإنتاج، إلى جانب تنويع مصادر الواردات، وتطوير سلاسل التوريد.
ووفق بيانات حصلت عليها من مصادر رسمية فقد بلغ حجم التعاقدات من سلعة القمح 4425 ألف طن، خلال الفترة منذ يوليو 2021 حتى الآن.
وكانت واردات مصر من القمح قد تراجعت، مسجلة 10.6 مليون طن -بيان أولى- فى 2021، مقارنة بـ 14.9 مليون طن فى 2014.
ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج مصر من القمح 10 ملايين طن عام 2022، مقارنة بـ 9 ملايين طن عام 2021، بنسبة زيادة 11.1%، فضلاً عن زيادة مساحة القمح المزروعة بنسبة 7.4%، حيث بلغت 3.65 مليون فدان فى 2022، مقابل 3.4 مليون فدان فى 2021.
كما شملت الجهود زيادة دعم السلع التموينية بنسبة 133.8%، حيث بلغ حجم الدعم 83 مليار جنيه عام 2020/2021، مقارنة بـ 35.5 مليار جنيه عام 2013/2014، فى حين بلغ عدد المستفيدين من البطاقات التموينية لصرف السلع التموينية 64 مليون مواطن.
يأتى هذا بينما، بلغ عدد المستفيدين من البطاقات التموينية لصرف الخبز المدعم 72 مليون مواطن، إلى جانب استخراج 600 ألف بطاقة للفئات الأولى بالرعاية ومحدودى الدخل منذ بداية 2018، بالإضافة إلى تحمل الدولة 100% من زيادة أسعار القمح فى العيش المدعم و75% من زيادة أسعار الزيوت.
وقد أظهرت بيانات حديثة لوزارة التجارة والصناعة أن الحكومة اتخذت خلال الثمانى سنوات الماضية عدداً من الإجراءات لتحفيز الاستثمار فى القطاع الصناعى، تضمنت إقامة 17 مجمعا صناعيا بـ15 محافظة على مستوى الجمهورية بتكلفة استثمارية إجمالية بلغت 10 مليارات جنيه، وإجمالى وحدات صناعية يبلغ عددها 5046 وحدة توفر نحو 48 ألف فرصة عمل مباشرة.
كما تم إنشاء 4 مدن صناعية جديدة شملت مدينة الجلود بالروبيكى ومدينة الأثاث الجديدة بدمياط ومدينة الرخام بالجلالة ومدينة الدواء بمنطقة الخانكة، بالإضافة إلى افتتاح المرحلة الأولى من مجمع صناعات الغزل والنسيج بمنطقة الروبيكى ومشروع "سايلو فودز" للصناعات الغذائية بمدينة السادات.
وتشير البيانات الى إتاحة 43.5 مليون متر مربع من الأراضى الصناعية المرفقة فى كافة المحافظات خلال الفترة من يوليو 2016 وحتى الآن، حيث تم خلال الأربع سنوات الأخيرة إتاحة 4 أضعاف المساحة التى تم إتاحتها خلال 10 سنوات، كما تم إطلاق أول خريطة متكاملة للاستثمار الصناعى فى مصر، وتشمل 27 محافظة، بالإضافة إلى إطلاق البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى، والذى يستهدف الارتقاء بتنافسية الصناعة المصرية وإحلال المنتجات الوطنية محل المستوردة وإيجاد قاعدة صناعية من الموردين المحليين.
الإجراءات التى اتخذتها الحكومة تضمنت أيضاً إطلاق البرنامج القومى لتحويل وإحلال المركبات للعمل بالطاقة النظيفة، وقيام جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بتقديم تمويل بقيمة 3.5 مليار جنيه لعدد 67 ألفا و273 مشروعا صناعيا صغيرا ومتناهى الصغر، وذلك منذ يوليو 2014 وحتى أبريل 2022، وهو ما ساهم فى إتاحة 232 ألفا و390 فرصة عمل جديدة، إلى جانب إصدار 4900 مواصفة قياسية مصرية جديدة وإطلاق علامة حلال المصرية وتخريج 95 ألفا من العمالة الفنية المؤهلة لتلبية احتياجات القطاع الصناعى.
كما تم إعداد قائمة بـ100 إجراء تحفيزى للنهوض بالصناعة المصرية وجذب المستثمرين للاستثمار فى القطاعات الصناعية المختلفة، شملت 58 إجراء قصير الأجل، و33 إجراء متوسط الأجل، و9 إجراءات طويلة الأجل، فضلا عن سرعة صرف مستحقات المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات حيث بلغ إجمالى المساندة التصديرية المنصرفة خلال الفترة من 2014 وحتى العام الجارى 54.6 مليار جنيه لعدد 2600 شركة من خلال عدة مبادرات، منها 1963 شركة فى إطار مبادرة السداد الفورى.
وليس آخرا إنشاء 12 منطقة صناعية من خلال 8 مطورين صناعيين من القطاع الخاص بإجمالى مساحة 42 مليون م2، كما أنه تم أيضا منح موافقات وتراخيص لإنشاء مصانع جديدة وتوسعات بمصانع قائمة بلغ إجماليها 6223 منشأة صناعية بتكلفة استثمارية تصل إلى 225 مليار جنيه أتاحت حوالى 370 ألف فرصة عمل، وذلك خلال الفترة من يونيو 2014 وحتى صدور قانون 15 لسنة 2017 والخاص بتيسير إجراءات منح التراخيص، إلى جانب منح 61 ألفا و253 رخصة تشغيل، و4946 رخصة بناء، و40 ألفا و87 شهادة سجل صناعى، وذلك منذ صدور قانون تيسير إجراءات منح التراخيص فى يونيو 2017 وحتى نهاية أبريل 2022.
إننا أمام "نمر اقتصادى" بحق.. خرج من "سنوات الفشل" إلى "عهود الانطلاق".. بفضل شعب اختار أن يتحمل من أجل مستقبل أفضل.. وقائد قرر أن يواجه مهما كانت التحديات. ودائما وأبدا.. تحيا مصر.