الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب: المسرح المصرى.. التائه بين "أمجاد" الماضى و"فشل" التجارب الجديدة

الشورى

◄المسرحيات التجارية أفسدت عقول الشباب وأفرزت جيلاً من الفنانين لا يعرف سوى "الارتجال"

◄اختفى النجوم الكبار فصعد على خشبة المسرح أنصاف وأرباع الموهوبين 

◄لماذا لم نشاهد مسرحاً حقيقياً بعد فؤاد المهندس وعادل إمام وسمير غانم؟

◄ما زال محمد صبحى حريصا على تقديم مسرح راقٍ كالقابض على الجمر 

◄هنيدى وحلمى والسقا وكريم عبد العزيز لم يخلصوا للمسرح فنسيهم الجمهور وظلت تجاربهم محدودة 

 

رغم أننى دائمًا أرفض منهج «البكاء على اللبن المسكوب»، فإنه حينما يتعلق الأمر بالمسرح المصرى الذى وصل لمرحلة شديدة البؤس و"الاضمحلال" بل إنه احتضر، وأصبح فى خبر كان، فإن الأمر يختلف تماما، ويدفعنى لأن أدق «ناقوس الخطر» حول "أبو الفنون".  لذا قررت الآن خوض تجربة الكتابة عن تلك القضية الشائكة، قضية المسرح المصرى، وأنا على قناعة تامة بأنه يجب أن يتم إحياؤه، وإعادة الناس إلى مسرح الدولة من جديد، بعد سيطرة المسرح التجارى الذى عمل على تقزيم المسرح وسقوطه سقوطا مدويا.

والمفارقة أنه منذ أيام قليلة كان يتم الاحتفال باليوم العربى للمسرح، وللأسف الشديد مسارح مصر التى أنارت شُعلة النور والإبداع فى كل ربوع الوطن العربى، وخرج منها آلاف الفنانين الذين ملأوا الدنيا بإبداعهم على مدار عقود طويلة، منذ فرقة نجيب الريحانى وعلى الكسار، ويوسف وهبى، وفاطمة اليوسف، وزكى طليمات، وإسماعيل يس، وفؤاد المهندس وأمين الهنيدى ومحمد عوض، وجيل الزعيم عادل إمام ومحمود يس ومحمد صبحى وسمير غانم ونور الشريف وغيرهم، من الذين تركوا إبداعا ثريا فى المسرح بالذات الذى يعد واحدا من الفنون التى تتطلب استغراقا شديدا وتكريسا للوقت والمجهود فى العمل المسرحى، مع أنه لا يعطى ذات العائد المادى والأدبى مثل نجوم السينما لكنه يعد عشقا من نوع آخر لا يباريه عشق ولا يقبل شريكا فى الوقت والجهد، لكن اليوم لم يعد هناك مسرح حقيقى وكل ما هو معروض فى المسرح التجارى لا يليق أبدا بحجم مصر ولا مكانتها الفنية الرائدة.

وللحق فإنه من العار أن نكون فى عام 2023 وما زلنا نتغنى ونشعر بالضآلة أمام الفن المسرحى فى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات والسبعينيات، إلى الآن مازلنا نتابع ونشاهد مسرحيات الزعيم عادل إمام ونتابعها بلهفة وشغف وكأننا نتفرج عليها للمرة الأولى، من منا استطاع أن يتمالك نفسه من شدة التأثر بأداء عادل إمام فى أعماله المسرحية ومن منا لم يحفظ "إفيهات" عادل إمام فى مسرحية "مدرسة المشاغبين"، أو "الواد سيد الشغال" أو "شاهد ماشفش حاجة"، بل فى جميع أعماله االمسرحية التى اتسمت بالغزارة والمزج بين متعة المشاهدة والقدرة على تجسيد الواقع فى كثير من مجالات الحياة، ومسرحيات فؤاد المهندس "أنا وهو وهى" و"سيدتى الجميلة"، وغيرهما ومسرحيات سمير غانم ومحمد صبحى الذى أراه إلى الآن متمسكا بتقديم فن راقٍ كالقابض على الجمر ، وكأن المسرح وقف عند هؤلاء النجوم، حتى جيل أحمد السقا ومحمد سعد ومحمد هنيدى وكريم عبد العزيز لم يخلصوا للمسرح واتجهوا للسينما والدراما حيث المكسب السهل والسريع، ويبدو أن الحل الوحيد لإعادة الهيبة والنهضة للمسرح المصرى هو اهتمام الدولة بشكل خاص ومكثف بالمسارح وتجهيزها بأحدث الأجهزة حتى تعود خشبة المسرح كما كانت عليه من حيث الوهج والتألق، بعيدا عن التجارب الخاصة التى أفشلت المسرح ومنها تجربة "مسرح مصر"، التى اعتبرها البعض أنها أفسدت عقول الشباب، وأخرجت مواهب لا تستحق الفرصة، حيث انتقدها كثيرا الفنان محمد صبحى وذكر فى تقارير صحفية أن مسرح مصر تحول من مسرحية بسيطة إلى اسكتشات بسيطة إلى قلة أدب بسيطة، ثم وصل إلى قمة الانحطاط، كما وصفته الفنانة سميحة أيوب، بأنه لا يمكن تسميته بالمسرح، ما يُقدم فى الوقت الحالى هدفه فقط قتل الوقت، ومسرح أشرف عبدالباقى ليس مسرحا، بل هى مجرد لوحات، فالمسرح شيء مقدس، كانت هناك رسائل تقدم على المسرح قديما، ولكن ما الذى يقدمه أشرف فى مسرحه؟! كما هاجم الفنان أحمد آدم مسرح مصر، وقال إن هذا المسرح ليس مسرحا فهو يقتل الممثل مع كم العروض التى يتم تقديمها، ووصفه بأنه برنامج يذاع كل أسبوع، مشيرا إلى أنه عبارة عن اسكتشات تقدم لنفس الجمهور.

وعندما نأتى للمسرح المصرى الآن فإننا سنجده فى قمة البؤس، حتى إنك لا تستطيع أن تتعرف على نجوم المسرح فى الوقت الحالى، خاصة مع غياب نجوم الصف الأول الأمر الذى جعل من المسرح الخاص "سمك لبن تمر هندى".. وقد شهد عام 2022 عرض مجموعة من المسرحيات لم تعلم مع الجمهور ولن يتذكرها، منها "هاملت بالمقلوب" إخراج مازن الغرباوى والتى عرضت على مسرح السلام واستمرار عرضها خلال أشهر مارس ومايو ويوليو، وعرض "حلاوة الحب" أشعار وإخراج  محمد إبراهيم على مسرح السلام فى شهر أبريل، وعرض " خطة كيوبيد" من إخراج أحمد فؤاد على قاعة يوسف إدريس بمسرح السلام واستمرار عرضه خلال أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر، وعرض "صانع البهجة" من إخراج ناصر عبد المنعم على مسرح الغد، وعرض "فريدة" من إخراج أكرم مصطفى على مسرح الطليعة قاعة صلاح عبد الصبور فى شهر فبراير، وعرض "أحدب نوتردام" إخراج ناصر عبد المنعم على مسرح الطليعة قاعة زكى طليمات فى شهر فبراير، وعرض "خلطة شبرا" إخراج محمد سليم على قاعة صلاح عبد الصبور فى شهرى أبريل ومايو، وافتتاح عرض " الحب فى زمن الكوليرا" إخراج السعيد منسى على قاعة زكى طليمات واستمرار عرضه خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو، وافتتاح عرض "ليلة القتلة" من اخراج صبحى يوسف، على قاعة صلاح عبد الصبور واستمرار عرضه خلال أشهر يونيو ويوليو وأكتوبر ونوفمبر، وعرض "أفراح القبة" كتابة وإخراج محمد يوسف منصور على المسرح العائم الصغير بالمنيل  واستمرار عرضه خلال فبراير ومايو، والعرض المسرحى "يا دعوة ما تمت" أول عروض مبادرة المخرج المحترف فكرة وإخراج مصطفى عبد السلام على مسرح أوبرا ملك برمسيس واستمرار عرضه خلال شهر فبراير، افتتاح عرض "مش إلكترا" ثانى عروض مبادرة "المخرج المحترف" تأليف وإخراج محمد عبد المولى على مسرح أوبرا ملك برمسيس واستمرار عرضه خلال شهور مارس وأبريل ومايو، وتقديم عرض " كاليجولا" إعداد وإخراج محمد عز الدين على المسرح العائم الصغير  واستمرار عرضه خلال شهرى مايو ويونيو، وعرض "فركش لما يكش" إخراج شوقى حجاب على مسرح القاهرة للعرائس شهر يناير، وعرض "رحلة الزمن الجميل" إخراج محمد نور على مسرح القاهرة للعرائس شهر يناير، وعرض "الليلة الكبيرة" إخراج صلاح السقا مسرح ساحة مركز الهناجر للفنون والحديقة الثقافية بالسيدة زينب شهر أبريل، وعرض "عروستى" من إخراج محمد نور على مسرح القاهرة للعرائس شهر يوليو، وقدمت فرقة تحت سن 18 عرض العرائس "على بابا والأربعين حرامي"إعداد عبد المنعم محمد، وإخراج حسن الشريف على قاعة محمود رضا وقاعة صلاح جاهين بمسرح البالون، وعلى مسرح ساحة الهناجر ضمن فعاليات صيف قطاع الإنتاج الثقافى، ومهرجان تازة بالمملكة المغربية، ومهرجان نيابوليس الدولى لمسرح الطفل بتونس، كما قدمت الفرقة العرض المسرحى "سندباد" إعداد إسلام إمام وإخراج شادى الدالى على مسرح البالون ومسرح محمد عبدالوهاب بالإسكندرية، بالإضافة إلى عرض مسرحية "سمك فى مية" تأليف محمد الطيب وإخراج هشام إبراهيم على مسرح جمصة الصيفى، كما قدمت الفرقة مسرحية "رمضان جانا" إعداد وإخراج صلاح لبيب، ضمن فعاليات برنامج أهلا رمضان، ومسرحية "أنا العريس" و "عايز اتجوز" تأليف أمين يوسف وإخراج صلاح لبيب على مسرح جمصة ضمن فعاليات الموسم الصيفى، ومسرحية "زقاق المدق "للأديب العالمى نجيب محفوظ رؤية درامية وأشعار محمد الصواف وإخراج عادل عبده.

لذلك ومن أجل الأهمية الكبيرة التى يزخر بها المسرح المصرى فى نفوس المشاهدين لابد من التدخل القوى والفعال لإعادة الأعمال المسرحية المصرىة لمكانتها بعد أن أصابها الوهن خلال السنوات الماضية، بل أصابها الموت، والمطالبة باسترداد المسرح يمثل مطلبا قوميا، لأن هذا التردى والضعف والهلاك الذى يشهده منذ سنوات يؤدى لمردودات سلبية، والتقاعس فى إنقاذه لمزيد من الوقت قد يؤدى لاندثاره تماما.‬  

تم نسخ الرابط