في ساعة مبكرة من صباح الخميس الماضي جائني خبر وفاة خالي الأكبر وابي بعد أبي وصديقي الذي يسأل عني دون كلل أو ملل وناصحي بلا أي هدف اللواء مهندس محمد المصرى، خالي العزيز وحبيبي وأكثر الناس سؤالًا علي قبل مرضه وحتي في مرضه الشديد خلال الخمس سنوات الأخيرة كان يحاول جاهدًا الوصول إلي وكنت أفرح لحرصه علي وجودي في حياته وأحزن لحال وصحة هذ الفارس الوسيم الشيك الذ كان يملأ الدنيا عبقًا وحبًا وحنانًا وحرصًا علي مشاعر وحياة الآخرين، رحل من خطط لي ومعي الحياة ألف مرة رحل من كان يحرص ويصر علي منحي سيارة قسط من شقيقه ومن جاهد من أجل منحي شقة بإيجار بسيط رحل من كان يسأل عني وعني حالي وأحوالي ويسمع مني ويُسمعني نعم هي إرادة الله ولا نملك إلا التسليم بها وهو عمره الذي قدره الله له وقد عاني كثيرًا آخر خمس سنوات ولكني مصيبة الموت أوجعتني وشعرت رغم بعد المسافات في حياته -لإقامته في الاسكندرية- أنني فقد أحد أهم جيوشي المعنوية التي تدعمني وتفخر بي وتقدمني للجميع قائلا: "حسام بيه إبن أختي صحفي كبير"، أشهد الله انك طالما فكرت من أجلي ودعمت طموحي وشجعتني فإن كان الله قد كتب لي جزء من النجاح فأنت يا حبيبي أحد شركائي في هذا النجاح.
أتذكر عندما كنت في احد المداخلات التليفزيونية، عبر أحد القنوات الفضائية، قبل ما يقرب من 10 سنوات، وما ان إنتهيت من المكالمة إللا ووجدتك تتصل بي وتقول لي بالحرف: " إيه الجمال ده كنت حاسس أن هطول السما من أسلوبك وكلامك المنمق قولتلك إسعي وستكون أحد المميزين في المجال أنا فخور بيك"، ومرة أخري أثناء إذاعة تقرير لقناة نيل سبورت وجدته ويتصل ويقول ربنا خلاني أقلب القناة علشان أشوفك وأفرح بيك، كلماته علي رحمة الله كانت جابرة لقلبي حاملة لي الكثير من الدعم، ولقائي به كان لقاء مفتوح أبوح فيه بما تحدثني نفسي فهو صديقي وأكثر وكنت كاتم أسراره وكان ناصحي الأمين، ودعت خالي الكبير الذي كان يهابه الجميع أكثر مما يحبه إلا أنا فكنت احبه أكثر مما أهابه وكيف أهابه وهو صديقي الذي يتعامل معي بشوق وحب وحنان أبي عليهما رحمة الله، رحل المهندس محمد المصري أو اللواء محمد المصري ولا يعنيني أي ألقاب فقد رحل خالي الكبير نعم رحل في الـ 87 من عمره ولكنه ترك فراغ لن يعوضه أي شخص مهما كان.
جنازة بسيطة تم تشيعها في الأسكندرية حسب رغبة بناته شقيقاتي العزيزات وكنت اطمع ان يُدفن بجوار أمي وأبي في جمهوريتنا زفتي الخالدة مسقط رؤسنا ولكنها إرادة الله أن يُدفن كما أراد الله في الأسكندرية جنازة حضرتها وأنا أحمد الله أن أراحه من آلام ومرض عضال لمدة خمس سنوات وأترحم عليه ولكن من لي يا صديقي فها أنا حسام صديقك لا إبن المرحومة شقيقتك جئتك اليوم أسمع شكواك وأُسمعك آلامي، جئت طامعًا في دفعة معنوية هائلة أُكمل بها صعاب الحياة كما إعتدت منك، ولكني وجدتك لا تُجيب فقط وجدتك محمول علي آلة حدباء فإكتشفت أنني جئت داعيًا لا محدثًا وإن تحدثت فلن تسمعني وإن سمعتني لن تجيب، أحاسيسي تبعثرت كلماتي تاهت أحرفها رحلت كلمح البصر أعلم أن فقدناك ورحيلك قضاء وقدر ولكن رحيلك ما أصعبه وغيابك أحرق وجنتي وأدمى قلبي المنفطر لفراقك موقف يعجز اللسان عن وصفه ينشل العقل عن التفكير ما أصعبها من لحظات وأنا أشارك في دخولك القبر وأشاهدهم وهم يهيلون التراب عليك ويغلقون بابًا ثم باب وانا أنتظر لعلك تحرك ساكنًا فأطالبهم بالتوقف فلعلها غيبوبة أو ما شابه ولكن أنها أمنيات ليس إلا وأنا ومن حولي مؤمنين بقضاء الله وقدره، عزيزي المصري الكبير عميد علائلتنا عزيزي رشدي -اسمه في المنزل- يا خالو يا حبيبي رحيلك أتعبنا ولكن عزائنا إنا لله وإنا إليه راجعون وأن الله تبارك وتعالي أرحم بك منا جميعًا وأسأله سبحانه أن يُعاملك بما هو أهله لا بما نحن اهله، رحلت جسدًا لكن روحك حركاتك كلماتك كلها في أذهاننا باقية ما حيينا.
وهنا فقط دعوني أهمس في أذن أخواتي وأهلي وأقاربي ومعارفي والأغراب من السيدات وأبلغهن حديث الرسول الكريم "ليس للمرأة نصيب في الجنازة"، وكذلك قوله "لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج"، ونهى النبي عن اتباع الجنائز للنساء فالسيدة لا تتبع الجنازة إلى المقبرة ولا تزور القبور، وإنما هذا من خصائص الرجال لكنها تصلي على الجنازة، إذا صلي عليها في البيت أو في مصلي للمرأة منفصل عن الرجال مخصص للصلاة على الجنائز، كما صلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على جنازة سعد بن أبي وقاص في مسجد النبي، فالحاصل أن المرأة تصلي على الجنائز مع الرجال، أما ذهابها مع الجنازة إلى المقبرة أو زيارة القبور فهذا هو الذي نهي عنه فلا يجوز لها ذلك.
وحتي وإن وصلت السيدة للمقابر فعليها أن تعلم انها في مكان مقدس أشبه بالمسجد أو أشد قدسية فعليها إحترام قدسيته ومكانته عند الله، يبكين على مفقود من العائلة ويدعون لحبيب مات يشتكين لوعة الفراق الأبدي لكن الكثيرات منهن لم يحترمن قدسية هذه الأماكن من خلال الملبس والسلوكيات فنجدهن يجاهرن بالقول والخطاب والنداء وهن متبرجات بزينة الأعراس والحفلات يتخطين القبور بصدور عارية كاشفات لمحاسن أنوثتهن ويدعين الخوف والوجل من هذه الأماكن ومنهن من ترفع يديها للدعاء وطلب المغفرة فتنكشف مفاتن جسدها، فكيف يستجاب لمتبرجة عارية لم تحترم قدسية المقبرة و لا ساكنيها، وأنا هنا لا أقصد جنازة بعينها ولكن وجدت علي لازامًا أن أنبه وأكرر التنبيه حتي لا يقع أحدًا من هن في المحظور، رسالتي لعامة النساء أقارب وزملاء وأغراب اتقين حرمة أهل المقابر وصمتها المخيف بالحشمة في اللباس وكيف تكشفن عن مفاتنكن لناس رمت عظامهم و صاروا الى ما صاروا إليه، تطلبون لهم الرحمة كيف تطلبون الرحمة وأنتم تعصون من تطلبون منه سبحانه وأكرر هنا انا لست وليًا علي أحد ولا أهاجم أحدًا بعينه ولكن وجدت من دوري أن انبه أن حرمة المقابر تحتاج لمراجعة من الجميع وآداب دخولها من الرجال قبل السيدات لابد ان يُراجع ولينظر الجميع انه سيكون في نفس الموضع فمن تتمني ان يدعوا لك حينها عاصٍ مجاهر بالمعصية أم مهتد مُطبق لشرع الله.
الواداع يا مصري ... الوداع يا صديقي