الخميس 19 ديسمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

«هذه أقدارك.. ومعركتك ».. لماذا قال السيسي "محدش يقدر على مصر"؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

- ما سر لقاء الرئيس مع قيادة القوات المسلحة والشرطة والمخابرات العامة؟.. وأسرار خاصة عن عملية حماية الحدود من كافة الاتجاهات الإستراتيجية

- كيف حذر القائد الأعلى الأجهزة الأمنية من الخلايا النائمة؟.. وتفاصيل عملية تأمين مصر من السيناريو السوري

- ما الرسالة التي وجهها الرئيس للشعب المصري؟.. ولماذا طالب بالبقاء على قلب رجل واحد

كان الخوف يتسرب إلى نفوس المصريين بلا شك عندما شاهدوا ما جرى في سوريا وسقوط الدولة على يد المجموعات المسلحة.. لا مجال للمقارنة بالطبع.. لكن الخوف طبيعي ومتوقع في ظل المواجهة المستمرة منذ ١٠ سنوات مع الجماعات الإرهابية بعد إسقاط مشروع الإخوان.

من هنا كان ضروريا أن يخرج القائد لكي يتحدث ويطمئن الشعب.. وكان لافتا أن يبعث برسائله المهمة في اجتماعه 

بعدد من قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة بمقر القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمود توفيق وزير الداخلية، والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وحسن رشاد رئيس المخابرات العامة، والمحافظين، وكبار قادة القوات المسلحة.

خلال الاجتماع، أكد الرئيس السيسي أهمية تعزيز قدرات مؤسسات الدولة وأجهزتها، مشددًا على الدور الحيوي الذي تلعبه القوات المسلحة والشرطة في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد. وأشار إلى ضرورة اليقظة ومتابعة التطورات الإقليمية والدولية وتأثيرها على الأمن القومي المصري.

تناول الرئيس السيسي في حديثه التطورات الأخيرة في سوريا، مؤكدًا أن "من يأخذون القرار في سوريا هم أصحاب البلد"، في إشارة إلى أهمية أن يكون الحل سوريًا خالصًا دون تدخلات خارجية. كما تطرق إلى العلاقات المصرية - الأمريكية، مشيرًا إلى وجود تواصل وثقة متبادلة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وأن مصر تسعى لإيجاد حلول للقضايا الإقليمية العالقة مثل غزة والسودان وسوريا.

فيما يتعلق بالشأن الداخلي، أشاد الرئيس السيسي بوعي الشعب المصري ودوره في حماية البلاد منذ عام 2011 وحتى اليوم. وأكد أن إرادة الشعب كانت العامل الحاسم في مواجهة التحديات، إلى جانب دور المؤسسات الوطنية.

كما حذر من وجود "جماعات أو عناصر خلايا نائمة"، مشددًا على أهمية الجهد الأمني المستمر لمواجهتها.

وأشار الرئيس أيضًا إلى أن مصر مرت بمرحلة صعبة فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية، مؤكدًا أن البلاد تسير في الطريق الصحيح، مما انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري.

كما أكد  أهمية مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، موضحًا أنها تضم القيادة الإستراتيجية ومنشآت لإدارة الدولة وليس فقط القوات المسلحة.

في ختام الاجتماع، شدد الرئيس السيسي على أهمية الوحدة الوطنية والتكاتف بين جميع مؤسسات الدولة والشعب المصري لمواجهة التحديات الراهنة، مؤكدًا أن مصر تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية وتعمل على حماية مصالحها القومية.

ولا شك في أن الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع قيادات القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية  يحمل أبعادًا سياسية وأمنية متعددة يمكن تحليلها في سياق التطورات الداخلية والإقليمية.

القراءة السياسية لهذا اللقاء تشير إلى مجموعة من الرسائل الموجهة على المستويين الداخلي والخارجي، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. تعزيز الاستقرار الداخلي ومواجهة التحديات الأمنية:

الرئيس السيسي حرص على التأكيد خلال الاجتماع على أهمية اليقظة الأمنية لمواجهة أي تهديدات محتملة.

• البعد الداخلي: هذه الرسالة تبدو موجهة إلى الرأي العام المحلي، خاصة مع تحذيره من وجود "جماعات أو عناصر خلايا نائمة".

هذا يشير إلى إدراك القيادة احتمالات استغلال الأوضاع الاقتصادية أو السياسية من قبل بعض القوى لإحداث اضطرابات.

• إدارة الأزمات: الاجتماع يعكس رغبة القيادة المصرية في طمأنة المواطنين بأن الدولة قادرة على التصدي للتحديات الأمنية، خاصة مع اقتراب احتفالات نهاية العام، وهي فترة حساسة أمنيًا.

2. التأكيد على دور مؤسسات الدولة:

الاجتماع في مقر القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة يعكس رمزية خاصة:

• مركزية الدولة: الرسالة الواضحة هنا هي أن مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة والشرطة، هي العمود الفقري لاستقرار البلاد.

• العاصمة الإدارية الجديدة: الاجتماع فيها يعزز مكانة المشروع كرمز لنهضة الدولة، ويروج له كقاعدة متقدمة لإدارة الأزمات ومتابعة الشؤون الأمنية.

3. البعد الإقليمي والدولي:

تطرق الاجتماع إلى التطورات الإقليمية، خاصة في سوريا والسودان وغزة، وهو ما يعكس البعد الدولي للاجتماع:

• رسالة إلى القوى الإقليمية: تأكيد الرئيس على أن "أصحاب القرار في سوريا هم السوريون" يمكن قراءته كرفض لأي تدخلات خارجية في الشأن السوري، مما يعزز دور مصر كقوة إقليمية تدعم الحلول الداخلية في الأزمات.

• تعزيز العلاقات الدولية: الإشارة إلى التواصل مع الإدارة الأمريكية توحي بسعي مصر لتعزيز دورها كلاعب محوري في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأزمة السودان.

4. التحذير من استغلال الأزمات الاقتصادية:

مع الإشارة إلى جهود الإصلاح الاقتصادي والصعوبات التي واجهتها البلاد، يبدو أن هناك رسالة ضمنية:

• ربط الأمن بالاقتصاد: القيادة تسعى لتوضيح أن الأمن والاستقرار هما مفتاح جذب الاستثمارات وتحقيق التنمية.

هذا الربط ضروري في سياق محاولة تخفيف الضغط الشعبي الناتج عن الأوضاع الاقتصادية.

• تعزيز الثقة: تصريحات الرئيس تهدف إلى طمأنة المواطنين بأن البلاد على الطريق الصحيح رغم التحديات.

5. وحدة المؤسسات والشعب:

خطاب السيسي ركز على أهمية وحدة الشعب مع مؤسسات الدولة لمواجهة التحديات:

• إعادة بناء الثقة: في ظل أي أزمات اقتصادية أو سياسية، تسعى القيادة إلى تعزيز اللحمة الوطنية وتأكيد أن استقرار البلاد مسؤولية مشتركة.

• التصدي للشائعات: التحذير من محاولات زعزعة الاستقرار يعكس قلق القيادة من استغلال قوى معادية للظروف الحالية لتأجيج الاحتجاجات أو الفوضى.

6. رسائل إلى المعارضة والقوى الدولية:

الاجتماع يحمل أيضًا رسائل غير مباشرة:

• إلى المعارضة: الدولة على استعداد لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد أي محاولات لإثارة الفوضى، لكنها في الوقت نفسه منفتحة على الحوار إذا تم في إطار وطني.

• إلى القوى الدولية: مصر قادرة على حماية مصالحها الإقليمية والداخلية، وهي دولة مستقرة يمكن الاعتماد عليها كشريك في المنطقة.

7. البعد الإستراتيجي للقاء:

• التوقيت والموقع: انعقاد الاجتماع في مقر القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة يُبرز أهمية العاصمة الجديدة كمركز مستقبلي لإدارة الأزمات.

وهذا يحمل رسالة واضحة بأن الدولة المصرية ليست فقط في مرحلة تعزيز الاستقرار، بل تعمل على تطوير بنيتها الأمنية والإدارية لمواكبة التحديات المستقبلية.

• استعراض القدرات: الاجتماعات من هذا النوع تسعى أيضًا إلى استعراض التنسيق العالي بين الأجهزة الأمنية، مما يعكس جاهزية البلاد للتعامل مع التحديات غير المتوقعة.

8. إدارة الملفات الإقليمية بعقلانية:

• الأزمة السودانية: مصر تُظهر حرصها على استقرار السودان كجار إستراتيجي، خاصة مع التأثير المباشر للأزمة السودانية على الأمن القومي المصري.

• القضية الفلسطينية: الرسائل الموجهة بشأن غزة تركز على دعم مصر الحلول السلمية ورفض التصعيد، وهو موقف تقليدي يعزز مكانتها كوسيط في الصراعات الإقليمية.

• سوريا: تصريحات السيسي بشأن السيادة السورية تؤكد موقف مصر الثابت بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مما يُبرز القاهرة كصوت داعم لاستقرار المنطقة.

9. مواجهة التحديات بمقاربة شاملة:

• السياسة الداخلية: الرسالة الأبرز هي أن القيادة المصرية تُدرك أهمية المزج بين الأمن والتنمية الاقتصادية، وأن الاستقرار الأمني هو أساس أي إصلاح اقتصادي ناجح.

• التعامل مع الاحتجاجات المحتملة: الرسائل عن الخلايا النائمة قد تكون أيضًا إشارة إلى أن القيادة مستعدة لأي محاولات لإثارة القلاقل.

إذن يمكن أن نقرأ هذا الاجتماع كخطوة استباقية من القيادة المصرية لتأكيد جاهزية مؤسسات الدولة في التعامل مع التحديات الأمنية والاقتصادية، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، كما يعكس رغبة في طمأنة الشارع المصري.

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

الصفحة الثانية من العدد رقم392 الصادربتاريخ19ديسمبر2024
تم نسخ الرابط