« أيها العالم الظالم.. كفى» .. كيف حاكم الرئيس السيسي الجميع في قمة الكبار؟

- مصر تتحرك بقوة وحكمة وسط عواصف دولية شديدة وتقود الحراك نحو إعادة تشكيل العالم
- جنرال لا يخاف.. لماذا شارك الرئيس في "البريكس" رغم تحذيرات وتهديدات ترامب؟
لم يكن ظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الاستثنائية لتجمع البريكس حدثًا عابرًا، ولا مجرد مشاركة بروتوكولية تُضاف إلى جدول مزدحم بالقمم والمؤتمرات.
ما قاله الرئيس المصري كان صرخة مدوية في وجه العالم، خطابًا تجاوز حدود الدبلوماسية التقليدية ليضع إصبعه مباشرة على جرح النظام الدولي، ويفضح ازدواجية المعايير التي تحكمه، ويعيد رسم صورة مصر كدولة لا تهاب المواجهة، حتى وهي تتحدث من قلب محفل عالمي يضم قوى اقتصادية وسياسية صاعدة.
لقد بدا السيسي، في تلك الكلمة، كمن يقول للعالم بأسره: "أيها العالم الظالم.. كفى".
إن حضور مصر عبر رئيسها هذه القمة لم يكن مجرد خطوة تكتيكية، بل رسالة إستراتيجية بعيدة المدى.
فالقمة انعقدت في توقيت تتلاطم فيه الأمواج الدولية: حرب مشتعلة في أوكرانيا، صراع مفتوح في الشرق الأوسط، اضطرابات اقتصادية تهدد النظام المالي العالمي، واحتقان متصاعد بين الغرب وخصومه التقليديين.
في هذه اللحظة الحرجة، جاء صوت السيسي ليحاكم الجميع بلا استثناء: الولايات المتحدة التي تستغل قوتها، القوى الكبرى التي تلوّح بالفيتو لحماية مصالحها، وإسرائيل التي تمارس أبشع صور القتل والتهجير في فلسطين.
إنها لحظة مواجهة شاملة، أراد الرئيس من خلالها أن يعيد رسم موقع مصر ودورها في النظام الدولي الجديد.
ولعل أهم ما يميز كلمة السيسي أنها كسرت الحواجز الدبلوماسية المعتادة.
لم يتحدث بعبارات فضفاضة أو شعارات تقليدية، بل صاغ خطابًا مباشرًا ومشحونًا بالدلالات، كشف فيه أن النظام الدولي منذ 1945 يسير في اتجاه معاكس لروح العدالة.
هاجم ازدواجية المعايير، وفضح الإفلات من العقاب، وأكد أن مجلس الأمن تحوّل إلى مؤسسة عاجزة مشلولة بفعل حق النقض الذي صار أداة لحماية مصالح الدول الكبرى على حساب الشرعية الدولية.
لقد أعاد السيسي صياغة خطاب يضع المجتمع الدولي أمام مرآته: عالم يبرر الاحتلال في فلسطين بينما يجرّم أي فعل مشابه في مناطق أخرى.
وإذا كان البعض قد ظن أن الرئيس المصري سيتجنب الملفات الحساسة خشية إثارة غضب القوى الكبرى، فإن الواقع أثبت العكس.
ففي كلمته، أطلق السيسي هجومًا واضحًا ومباشرًا على إسرائيل، واصفًا ممارساتها في غزة بأنها "جرائم مروعة ستظل وصمة عار لا يمحوها الزمن".
لم يكتف بالإدانة، بل حمّل الاحتلال المسؤولية عن كارثة إنسانية غير مسبوقة وصلت حد إعلان المجاعة في القطاع.
والأكثر حسمًا كان رفضه القاطع أي سيناريو يهدف لتهجير الفلسطينيين، مؤكدًا أن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية تحت أي ذريعة.
هذا الموقف لم يكن مجرد ترديد لمواقف تقليدية، بل جاء في لحظة حرجة تحمل أبعادًا دولية خطيرة.
لكن لماذا يغامر السيسي بهذا الخطاب الصريح، وهو يدرك أن ذلك سيضعه في مواجهة غير مباشرة مع قوى عظمى كالولايات المتحدة أو حتى بعض الأطراف في الغرب؟ الإجابة تكمن في قراءة أوسع لدور مصر في المشهد الدولي الحالي.
فالقاهرة تتحرك اليوم بمنطق مختلف: منطق الدولة التي لم تعد تكتفي بموقعها التقليدي كحليف إقليمي للغرب، بل تسعى لتموضع جديد بين القوى الصاعدة.
انضمام مصر للبريكس لم يكن صدفة، بل خيارًا إستراتيجيًا لتقليل الاعتماد على الغرب وفتح مسارات جديدة للتعاون مع روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.
ومن هنا جاء الخطاب ليؤكد أن مصر لا تنحاز لأي محور على حساب آخر، بل تبحث عن نظام دولي أكثر توازنًا يتيح لها حرية الحركة ويخدم مصالحها الوطنية.
في هذا السياق، تبدو المقارنة مع الماضي ضرورية. فحينما حاول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهديد مصر بسبب بعض مواقفها في ملفات إقليمية، لم تُبد القاهرة تراجعًا.
واليوم، وبعد سنوات، يعود المشهد ليؤكد أن الرئيس المصري لا يخاف من ضغوط أو تحذيرات، بل يتحرك وفق مصلحة بلاده وشعبه، واثقًا من أن مكانة مصر الجيوسياسية تجعلها لاعبًا لا يمكن تجاهله.
إن جرأة السيسي في مخاطبة القوى الكبرى بهذا الوضوح تعكس إدراكًا عميقًا أن العالم يتغير بسرعة، وأن من لا يثبت حضوره الآن سيفقد موقعه في النظام الجديد قيد التشكل.
لقد تحولت كلمة الرئيس إلى منصة عرض لرؤية مصر حول إعادة تشكيل العالم: الدعوة لإصلاح مجلس الأمن، المطالبة بإلغاء الفيتو، التشديد على حق الدول النامية في التمويل والتنمية، والحث على بناء نظام اقتصادي عالمي أكثر عدلاً.
لكن الرسالة الأهم كانت أن مصر لن تسمح بطمس القضية الفلسطينية، ولن تقبل بأن تصبح التنمية حكرًا على قلة من الدول، ولن تقف صامتة أمام هيمنة القوى الكبرى.
إنها رؤية دولة تدرك أن العواصف الدولية قد تكون فرصة بقدر ما هي تهديد، وأن القيادة الرشيدة تستطيع تحويل الأزمات إلى لحظة لإبراز القوة والحنكة.
ومن يراقب الحراك المصري مؤخرًا يدرك أن كلمة السيسي لم تكن منفصلة عن خطوات أخرى موازية: جهود الوساطة المستمرة في غزة، إطلاق خطة لإعادة إعمار القطاع بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة، الانفتاح على إفريقيا والشرق، وتوسيع الشراكات مع آسيا وأمريكا اللاتينية.
إنها إستراتيجية متكاملة تجعل من القاهرة لاعبًا محوريًا وسط عالم يبحث عن بدائل للنظام الغربي التقليدي.
في هذا الإطار، يمكن القول إن كلمة السيسي في البريكس لم تكن مجرد خطاب، بل كانت تجسيدًا عمليًا لموقع مصر الجديد، ودورها في صياغة معادلات المستقبل.
وإذا كان خطاب السيسي قد لفت أنظار المتابعين في المنطقة، فإن صداه لم يتوقف عند حدود الشرق الأوسط.
في العواصم الغربية، اعتُبر ما قاله الرئيس المصري بمثابة انتقاد صريح لبنية النظام الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها، إذ قرأه البعض على أنه إعلان رفض لتهميش صوت الجنوب العالمي.
الصحافة الأوروبية التقطت الرسالة، وأشارت إلى أن القاهرة تتحدث الآن بلغة أكثر استقلالية، تضع مصالحها أولاً، وتبحث عن شراكات جديدة خارج المظلة التقليدية للغرب.
أما في واشنطن، فقد طُرح التساؤل: هل تتحول مصر إلى ركيزة في معسكر "الجنوب العالمي" الذي يسعى لإعادة توزيع موازين القوة الاقتصادية والسياسية؟
على الجانب الإسرائيلي، حمل الخطاب وقع الصدمة.
فبينما اعتادت تل أبيب أن تتعامل مع الانتقادات العربية بقدر من التجاهل، إلا أن لهجة السيسي كانت حاسمة، ووُصفت في بعض الصحف العبرية بأنها "هجوم غير مسبوق في محفل دولي كبير"، خاصة أنه تزامن مع جهود مصرية لإعادة فتح مسار التهدئة وإدخال المساعدات.
الرسالة بدت مزدوجة: القاهرة ما زالت وسيطًا لا غنى عنه، لكنها في الوقت نفسه لا تتردد في تسمية الاحتلال بما هو عليه: قوة غاشمة تمارس التهجير والقتل الممنهج.
أما داخل البريكس، فقد رحبت دول عدة بالطرح المصري، ورأت فيه إضافة نوعية تعزز موقف التجمع كصوت بديل للنظام الدولي المترهل.
الصين والهند وجنوب إفريقيا وجدت في خطاب السيسي تقاطعًا مع مطالبها بإصلاح مجلس الأمن، فيما نظرت البرازيل إليه كدليل على أن التوسع في العضوية كان قرارًا صائبًا يعزز وزن التكتل على الساحة العالمية.
وهكذا، خرجت القاهرة من قمة البريكس ليس فقط ببيان رسمي أو صور بروتوكولية، بل بصورة جديدة لرئيسها وهو يواجه العالم بجرأة، محاكمًا ازدواجية المعايير، رافضًا التهجير القسري، مدافعًا عن التنمية العادلة، ومعلنًا أن مصر جزء من القوى التي ستسهم في إعادة تشكيل النظام الدولي.
إنها صورة الجنرال الذي لا يخاف، والذي اختار أن يتحدث بصوت شعوبه وشعوب الدول النامية التي تعبت من الوعود الفارغة
ومع هذا الموقف، بات السؤال المطروح: هل يستمع العالم لهذه الرسالة أم أن القوى الكبرى ستواصل إنكارها حتى تنهار قواعد اللعبة على رؤوس الجميع؟
ما هو مؤكد أن مصر، عبر كلمتها في البريكس، وضعت نفسها في قلب النقاش الدولي، وأرسلت إشارة لا لبس فيها: هذه دولة تعرف وزنها، وتدرك موقعها، ولن تتراجع عن حقها في أن تكون شريكًا في صياغة مستقبل أكثر عدلاً وتوازنًا.

- الاقتصاد
- العالم
- ترامب
- واشنطن
- اقتصاد
- سرت
- السيسي
- الرئيس السيسي
- طالب
- مطروح
- عامل
- أمن القاهرة
- هجوم
- صلاح
- شاب
- مــعـــــاك
- قرار
- المؤتمر
- تعرف
- ملفات
- حكم
- وكرا
- اول
- ادا
- طالبة
- الدول
- امن
- راب
- المصري
- جدول
- أيها العالم الظالم
- كفى
- أقوياء بحكمتنا وحكماء بقوتنا
- أخبار محمود الشويخ
- اسرائيل
- الرئيس عبد الفتاح السيسي
- محمود الشويخ
- حركة
- التجمع
- مطالب
- داخل
- منطقة
- رئيس
- القاهرة
- غزة
- الاحتلال
- مصر
- الشرع
- محمود الشويخ يكتب