الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: « شفرة إحباط المؤامرة».. كيف أجهضت مصر المؤامرات الداخلية والخارجية واحبطت الادوار التخريبية ضد الدولة؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- دبلوماسية المواجهة .. ماذا جرى في زيارة أردوغان؟.. ولماذا تم سحب الجنسية التركية من مرشد الإخوان؟

- نهاية وشيكة.. هل تسلم أنقرة المطلوبين من عناصر الجماعة إلى مصر؟.. وأسرار خطة الهروب تحت الأرض

- الهروب الأخير.. إلى أين تهرب قيادات التنظيم بعد خطة الحصار المصرية في كل شبر بالخارج؟

 

كنت أعرف أن ما جرى سيجري.. وقلت لكم دائما "للدول مصالحها".. وهذه المصالح أكبر من الأشخاص وأهم من الجماعات.. كان كثيرون يستبعدون هذا المشهد بل يعدونه مستحيلا.. وكنت أراه قريبا.

ولم أكن أتنبأ بالغيب.. بل أنطلق في رؤيتي هذه من فهم لمعنى الدولة وإدارك لسير الأمور.

لقد طال "الخلاف المصطنع" بين مصر وتركيا بعد ثورة 30 يونيو.. نعم.. ما في ذلك من شك.. لكن في الوقت المناسب انتهى هذا الخلاف وتحول إلى تعاون استراتيجي.

وفي هذه اللحظة فقد "الخونة" ملاذهم الآمن الذي اعتقدوا أنه دائم.. دون أن يدركوا أنهم "كخونة" بلا قيمة عند راعيهم بمجرد أن تنتهي حاجته إليهم.

من هنا لم أستغرب أبدا سحب الجنسية التركية من محمود حسين، القائم بعمل مرشد الإخوان والمقيم في إسطنبول.

بل إن الأمر لم يقتصر على الخائن محمود حسين.. حيث أن واقعة سحب الجنسية تقع ضمن أكثر من 46 قضية سحب جنسية أخرى لعناصر من الإخوان وغيرهم.

كل هذا وأكثر جرى منذ بدء التقارب المصري التركي الذي توج بزيارة الرئيس أردوغان إلى القاهرة.

قبلها لم تعد تركيا منصة لإعلام الإخوان.. وطردت كثيرين من عناصر الجماعة وفقا لشروط مصر.. وامتعنت عن توفير الملاذ والمال لهم.. لتقضى بذلك على وجودهم الخارجي بشكل شبه تام.. بعد أن نجحت الدولة في تصفيتهم بالداخل.

ولا شك أن العلاقات المصرية- التركية تتقاطع مع العديد من الملفات في المنطقة، ومن هنا فإن تطبيع العلاقات بينهما يلقي بظلاله وتأثيراته على عدد من القضايا، كما أن له آفاق ممتدة من المهم الإشارة إليها:

أولا: لقضية الفلسطينية: تنظر الدول الأوروبية على وجه التحديد لعودة العلاقات المصرية- التركية بنظرة ارتياح، لأنها تدرك أن هذا التقارب يمكن أن تمتد آثاره إلى توحيد جهود التهدئة فيما يتعلق بملف الحرب في غزة.

خصوصًا أن الموقف التركي يتسم بالتقارب من الموقف الرسمي المصري من حرب غزة، وإن كانت مصر تتخذ خطوات أكثر فاعلية وتأثيرًا، فضلًا عن ذلك تمتلك أنقرة اتصالات مع حركة حماس، في الوقت الذي تتمتع فيه مصر بعلاقات وثيقة مع كل الفصائل الفلسطينية، علاوة على ثقلها وضغطها الذي تمارسه على إسرائيل انطلاقًا من اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين في عام 1979.وهو ما يمكن توحيده أيضًا مع جهود المملكة العربية السعودية للتأكيد على أن التوجه العربي والإسلامي ينطلق من مبدأ إعلان الدولة الفلسطينية.

ثانيا: حلحلة الأوضاع في شرق المتوسط: مثل هذا الملف خلافًا أساسيًا بين القاهرة وأنقرة على الجانب الآخر، فإن مصر وباعتبارها وسيطًا موثوقًا من قبل قبرص واليونان، يمكن أن تكون طرفًا يساهم في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث ” تركيا- قبرص- اليونان".

ثالثا: التهدئة في الملفات الإقليمية: وفي مقدمتها التوصل لحل عادل وسلمي للأزمة الليبية، حيث أثبت الوضع الراهن في ليبيا بأن الحل بات أكثر صعوبة من ذي قبل، علاوة على ذلك فإن للبلدين خبرة كبيرة في مجال الإنشاءات والبناء مما قد يعني الشراكة في جهود إعادة الإعمار، وهي مرحلة تحتاجها ليبيا بشكل كبير لإعادة بناء وتأهيل البنية الأساسية، كما يمكن تخفيف حالة عدم الاستقرار الناجمة عن المشاكل القائمة في سوريا ولبنان.

رابعا: رفع وتيرة التعاون العسكري: تهدف الدولتان للتعاون المشترك بغية فتح آفاق للتعاون بينهما في عدد من مجالات التصنيع العسكري، والتعاون لتصنيع أحد المنتجات التي يتم الاتفاق عليها، لتكون نقطة انطلاق لتعاون مستقبلي بين الشركات العسكرية التركية ونظيرتها المصرية، ومن شأن تنظيم مبادرات بحثية مشتركة حول التكنولوجيا العسكرية والتدريبات العسكرية المشتركة أن يزيد من قابلية التشغيل البيني بين قواتهما المسلحة.

وسوف تستفيد مصر بشكل كبير من تجربة تركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي، في حين ستستفيد تركيا من القدرات البحرية والمستوى المتميز للجيش المصري، ويشير الإعلان التركي عن شراء مصر طائرات مسيرة بالمزيد من التعاون مستقبلًا.

خامسا: عودة العمل لخط الرورو: من خلال قرار حكومتي مصر وتركيا ببدء دراسة إمكانية إنشاء خط للنقل البحري الـ RO- RO للربط بين البلدين، والذي من شأنه تعزيز التعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية.

كما أنه سيساهم في زيادة حجم الاستثمارات التركية في مصر وخاصة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ويساعد على استغلال المزايا التي تتمتع بها مصر للنفاد إلى الأسواق الإفريقية، حيث تعد مصر بوابة العبور لتلك الأسواق والاستفادة من الاتفاقيات التجارية التي وقعتها مصر.

وفي هذا السياق فإن أي قرار من شأنه المساعدة في إزالة العوائق الفنية أمام التجارة TBT، والإجراءات الجمركية وتسهيل التجارة، سيساعد في تحقيق عودة العمل لخط الرورو لدوره في استعاده حركة النشاط التجاري بين مصر والدول الخارجية ومنها (تركيا وإيطاليا).

وهو الأمر الذي يسهم في خطة مصر الإجمالية لتطوير وإعادة تأهيل منظومة النقل البحري، خاصة وأن مصر تتمتع بمساحة كبيرة من السواحل البحرية على شاطئ البحر المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى عدد كبير من الموانئ المتطورة، والتي يجب استغلالها على أكمل وجه لمضاعفة الصادرات وتيسير حركة الواردات التي تتم عبر الموانئ البحرية، وذلك في إطار توجيهات القيادة السياسية بجعل مصر مركزًا عالميًا للتجارة واللوجيستيات.

سادسا: تعزيز التبادل التجاري: هناك توافق مصري تركي على ضرورة تسريع خطوات تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، حيث تخطط الحكومتان المصرية والتركية للوصول بحجم التجارة الثنائية إلى 15 مليار دولار خلال 5 أعوام، مقابل 10 مليارات دولار قيمة التجارة بين البلدين خلال الفترة الحالية.

خاصة أنه  أمام مصر كذلك فرصة لزيادة النفاد للأسواق التركية بسلع تناسب الأجواء الدافئة مثل الموالح والزيتون والرمان والتمور التي لا تتم زراعتها في الجو البارد، كما تتوافر فرصة لدى أنقرة لتعزيز الاستثمارات التركية في القاهرة  بالنظر إلى ما تشهده  مصر من تطورات، بداية من العوامل الخارجية المرتبطة بتوسع القاهرة في علاقاتها الخارجية إقليميًا ودوليًا، ووصولًا إلى العوامل الداخلية الخاصة بالتطور الواسع الذي يشهده  قطاع البنية التحتية وتحديدًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ويضاف إلى ما تقدم رغبة أنقرة في الحصول على مزيد من الشحنات الخاصة بالغاز المسال المصري سنويًا، وكذلك يمكن للشراكة مع تركيا تمهيد الطريق أمام   الاستحواذ على مساحة جيدة بالسوق المصري للحديد والصلب، وحسب ما نشرته إحدى وسائل الإعلام التركية المتخصصة في الشأن الاقتصادي، فإن واحدة من كبرى الشركات التركية المتخصصة في حديد التسليح، ستدخل في شراكة قريبا مع طرف محلي بمصر لإنتاج حديد التسليح.

سابعا: التداول بالعملات المحلية: ضمن مساعي تقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية، عرضت تركيا على مصر، استخدام العملات المحلية في تسوية المعاملات التجارية والمالية، وهي خطوة أقدمت عليها مصر وتركيا مع بلدان أخرى، ومن شأنها أن تخفف من حدة مشكلة النقد الأجنبي في مصر، وفي الوقت نفسه تعزز من موقف العملات المحلية للبلدين، حيث تعاني كل من الليرة التركية والجنيه المصري من تراجع قيمتهما على مدار الفترة الماضية، ومن شأن الدخول في هذه الخطوة أن تزيد من قيمة التبادل التجاري والمعاملات المالية بين البلدين.

ولكن حسبما نقلت وسائل الإعلام عن مصادر مصرية، فإن مصر ترى تأجيل هذه الخطوة لمدة عامين على الأقل، لاعتبارات فنية ترتبط بالسياسات النقدية، وكذلك تمكين البنوك المركزية في البلدين من امتلاك آليات التعامل بالعملات المحلية.

ثامنا: زيادة الطلب على الأمن الغذائي: خلقت الحرب الروسية – الأوكرانية طلبًا متناميًا على الأمن الغذائي باعتباره واحدًا من محددات الأمن القومي، وهو ما يمكن أن يؤدي للتعاون المصري – التركي في هذا الإطار   انطلاقًا من كون مصر من الموردين الرئيسيين للمنتجات الزراعية إلى أوروبا والشرق الأوسط.

وقد أبرزت هذه العوامل أيضًا أهمية الاستثمار في الطاقة المتجددة، وهو القطاع الذي أظهرت فيه مصر تقدمًا ملحوظًا من خلال إنشاء مجمع بنبان للطاقة الشمسية من بين مشاريع تطوير أخرى.

وتشهد كل من الشركات التركية والمصرية عمليات تحول مستدامة لتحقيق أهدافها المناخية، والاندماج مع الأسواق الأوروبية بما يتماشى مع الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي.

وهذا يوفر فرصًا إضافية للتعاون بين البلدين في مجالات مثل الاستفادة من منح الاتحاد الأوروبي، وإنشاء منتديات الأعمال التجارية، وتدريب القطاع الزراعي على التكيف مع تغير المناخ، وخاصة في مجال الزراعة الإيكولوجية وأساليب الإنتاج المستدام.

تاسعا: الدبلوماسية الشعبية: لا يمكن تحقيق السلام من دون إشراك القاعدة الشعبية بشكل فعال. وتحتاج عملية التقارب الرسمية بين مصر وتركيا إلى استكمالها من خلال الجهود الرامية إلى تعزيز التفاعلات بين الشعبين، من خلال الفعاليات الثقافية، والدينية، وبرامج التبادل الأكاديمي، والمجتمع المدني.

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

 

 

 

تم نسخ الرابط